مهرجان الأردن المسرحي30 مسرحية مخلب القرد/ الكويت بقلم : د.فراس الريموني في زمن مخلب القرد...

مهرجان الأردن المسرحي30
مسرحية مخلب القرد/ الكويت
بقلم : د.فراس الريموني
في زمن مخلب القرد...
لا شيء..
غرق في الوهم .. شهيق ..غرق جماعي .. شهيق .
وهم وجهل وغموض ..
رقعة الحياة محاصرة بين جنودها وقلعتها ، كل حركة ماكرة ، كش ملك، مات الملك، تحول بالإيقاع بين الحلم والكابوس
المستوى الاول وسط المكان معزول ومحاصر ، رقعة جنودها مبتورة الايدي..
اوهام وقصص خيالية ،قصص خرافية خزعبلات بطولات وهمية أمنيات ساذجة
تدور الرقعة ويثبت الجهل والتخلف
عقول محنطة جافة نزلت بها لعنة
يتأرج الأنسان بين الماضي والحاضر وتدور به الرقعة بالأتجاهين ، ليصل الى اللا شيء
فلسفة التمني المعقول، وسط الكآبة والضباب والاوهام ..
فرح نزير وضريبة باهضة
تكرار الحماقة ، وتراكم الخيبات، الطمع، والفقد، والعبث الوجودي وتحدي القدر، فقدان التواضع أمام القوى الميتافيزيقية.
إنها تحذر من تحقيق الرغبات دون ثمنٍ أخلاقي يؤدي إلى الخراب، وكل رغبة تحمل في داخلها بذرة فنائها.
فصل شتاء رياحه العاتية وايقاعه البطئء، حزن وهروب وأنتظار وهم وجهل وألم ..وحصد اللاشيء
يسيطر الخراب والدمار وبرد لاينتهي.
قصة لويليام جيكوبز، هي من أشهر القصص المسرحية القصيرة في الأدب الإنجليزي، تنتمي إلى أدب الرعب القوطي وتحمل طابعًا فلسفيًا عميقًا حول القدر والطمع الإنساني. وتعد من أوائل النصوص التي أسست أدب الرعب النفسي الواقعي قبل إدغار آلان بو وستيفن كينغ. حتى أنه سبق زمنه بتقديم رؤية تشاؤمية عن الإنسان، قريبة من روح الأدب الوجودي الذي ظهر لاحقًا مع كافكا وسارتر
تحكي المسرحية (المقتبسة من القصة الأصلية التي نُشرت عام 1902) عن عائلة صغيرة — السيد والسيدة وايت وابنهما هربرت — يعيشون حياة هادئة حتى يحصل السيد وايت على "مخلب قرد" غامض من صديقه الرائد موريس.
يُقال إن هذا المخلب يمنح حامله ثلاث أمنيات، ولكن كل أمنية تتحقق بثمنٍ فادح.
تبدأ المأساة حين يتمنى السيد وايت مبلغًا من المال، فيتحقق ذلك عبر موت ابنه في حادث عمل، ثم تتوالى الأحداث حتى ينهار كل شيء تحت وطأة الرغبة في تحدي القدر.
اشعلت المسرحية تساؤلات وجودية حول التمنى وعواقبه والقدر ومواجهة ظلال مخاوفنا والغوص في تقلباتنا النفسية تبدأ من برودة الليل ، والستائر المسدلة و النيران تشتعل ساطعة بينما الابن يلعب الشطرنج مع الأب، الذي كان يمتلك أفكاراً تتضمن تغييرات جذرية بشأن اللعبة ، و يضع ملكه في مواقف خطيرة وغير مرغوبة .
المكان كريه موحل نائي، هو الأسوأ، الممر عبارة عن مستنقع و الطريق عبارة عن سيل .
البوابة تغلق بعنف، صوت خطوات ثقيلة تقترب من الباب
انه الرقيب المخمور موريس
تلتف حوله العائلة، يحدثهم عن الأماكن النائية، وعن المشاهد الغريبة والأفعال الشجاعة .. عن الحروب و الأوبئة.
وعن حبه لرؤية المعابد القديمة والمشعوذين وعن مخلب قرد، مخلب صغير عادي مجفف لمومياء "
هناك لعنة صنعها أحد السحرة القدامى تبين أن القدر يحكم حياة الناس، وأن من يحاول تغييرها إنما يفعل ليلقى حتفه .
الخرافة مسيطرة على عقلية الجنرال المتقاعد، استطاع إقناع رجل وزوجته بسيطرة مخلب القرد على مجريات الأمور وتسيير القدر في الاتجاه الذي يرغبونه.. فقد أقنعهم بأن مخلب القرد المحنط الذي يحمله معه من إحدى الغابات الهندية التي حارب فيها في شبابه، له تأثير غامض على من يحمله، يتمنى ثلاث أمنيات في وجود هذا المخلب الأسطوري المسحور في غابات الهند الغامضه، حتما تتحقق أمنياته بدون أدنى شك
يستمر تيار الوهم مسيطرا عليهم بارتباط هذا المخلب بالقدر والسماء!، فالمخلب رسول قدري بأن المكتوب على الإنسان حتما سيراه خاصة في ظل وجود هذا المخلب المقدس والسماوي والمسحور في آن واحد!
يدفع الإنسان أمواله لكي يقتني الوهم والخرافة والطمع في تحقيق الأحلام بدون عمل حتى لو كانت مجرد مخلب لقرد!
في زمن مخلب القرد تساؤلات كثيرة صار الوهم حقيقة! لكنها حقيقة مأساوية شديدة القتامة والبؤس.. عشاق الخرافة لا يجدون ملاذا من الوهم والفاجعة سوى بوهم آخر.
المقبرة الضخمة الجديدة على بعد ميلين ، دفنت العائلة المكلومة فقيدها ، وعادا إلى بيت يلفه الصمت و الظلال. تم كل شيء بسرعة بالغة حتى أنهما لم يستطيعا استيعاب ما حدث، وظلا في انتظار أن يحدث شيء جديد .. شيء يخفف الحمل القاسي على القلبين العجوزين .
لكن الأيام مرت، وحل اليأس محل التوقع، كانت أيامهم طويلة لحد الإرهاق .
صرخت مخلب القرد
أين هو ؟
الأمنيتان الباقيتان
غرقا في صوت الساعة الرتيب ، و لم ينطق أحدهما بحرف . ثم أحدثت درجات السلم صريراً
إنه ابني، دوت طرقة أخرى، وأخرى، تحررت المرأة وهرعت عبر الحجرة. لاحقها الزوج حتى الباب منادياً عليها بينما تهرع عبر السلم. سمع جلجلة السلسلة، والمزلاج السفلي يسحب ببطء نحو النهاية ثم دوى صوتها متوتراً ولاهثاً المزلاج صاحت بصوتٍ عال تعال، لا أستطيع الوصول إليه .
القدر يعاقبه بالاكتواء بوهم الخرافة ذاتها بوقائع حقيقية وحوادث تبدو خرافية حقا من شدة غرابتها..
تعاقبه على إلغاء عقله، اعتمادًا على كل ما هو مرتبط بالدجل والوهم والنزق النفسي.
تجلت هذه الحكاية بفضاء مسرحي يجعلك وسط الأحداث ويأخذك الى وجعهم عبر
خشبة المسرح التي قسمها المخرج لعدة مستويات من الوهم في مركزها رقعة شطرنج تجثم على رقعة الحياة يلفها رقعة ضبابية المكان والزمان.
يقودها ايقاع ومؤثرات موسيقية حية من كواليس الرقعة الرابعة تجسد التوتر الأبدي بين القدر المحتوم والرغبة في السيطرة على المصير وتشعرنا صوت الرياح بمحاولة الإنسان التحكم في مجرى القدر التي تفضي إلى الهلاك.
تقدم المسرحية تصورًا وجوديًا مبكرًا: العالم لا يستجيب لرغباتنا الأخلاقية أو العاطفية، بل يسير وفق نظامٍ قاسٍ ومحايد. موت الابن بلا سبب "عادل" يعكس عبثية الوجود الإنساني أمام قوى لا تُفهم.
النص يستخدم أسلوبًا اقتصاديًا ومشحونًا بالتوتر:الجمل قصيرة، والإيقاع متسارع. الحوار بسيط لكنه عميق المعنى.والاعتماد على الإيحاء والظلال أكثر من الوصف المباشر. نصًا مسرحيًا مكثفًا، يجمع بين الإثارة الدرامية والتأمل الفلسفي.
وجاءت بنية الدرامية في الحدث المحوري: تقديم المخلب كرمز للسلطة الخارقة التي تمنح الإنسان قدرة زائفة على تغيير مصيره بينما العقدة: وقوع الأمنيات الثلاث وتحوّلها من أملٍ إلى لعنة وجاءت الذروة:عندما تتمنى السيدة وايت عودة ابنها من الموت، فيُسمع طرقٌ على الباب... فيتراجع الأب عن الأمنية الثالثة لوقف الكارثة، والنهاية: لحظة صمت قاتلة — الباب يُفتح، ولا يظهر أحد. إنها النهاية المفتوحة التي تترك المتفرج بين الرعب والشفقة.
رسم فيصل العبيد بالإضاة المسرحية الجو العام يغلفه الغموض والبرودة، مما يعزز الإحساس بالرعب النفسي لا الجسدي
لون المتاهة يلف المكان بإيقاع ازرق والضوء يتخللها بين تحقيق الحضور الجسدي او مصادرته
وازياء مثقلة بالشتاء والحزن والعفن رمادية كئيبة مثل اكفان الفزاعات
ممثلين محترفين جسدوا كل هذا الحزن بإيقاع درامي مدهش بعد الفهم والتحليل النفسي جسد شخصية الصول أحمد اياد بمخلب القرد الذي يمثل اللاوعي الإنساني — الرغبات المكبوتة التي تتجلى حين تُتاح لها القوة الخارقة. الرمز المركزي في المسرحية، يُجسد الطمع البشري والثمن الباهظ للرغبة. كما يمكن قراءته بوصفه استعارة عن "الشيطان" أو "الإغراء" الذي يختبر الإنسان
جسدت الممثلة فاطمة أسد "الأنا العاطفية" التي ترفض الفقد، جسّد الإنسان العادي الذي تغريه فكرة امتلاك السيطرة على مصيره، فيتحوّل من الرضا بالقليل إلى التمرد على النظام الكوني.
بينما جسد الممثل عبد العزيز البهبهاني "الأنا العاقلة" التي تدرك متأخرًا خطأ التمرد على النظام الكوني. تمثل الجانب العاطفي الذي يرفض منطق الموت، وتدفع بالحدث نحو الكارثة
وجسد الممثل مهدي كرم دور الابن الضحية
صنع المخرج فهد الأحمد فرجة مسرحية رسم حركتها وتكويناتها واشاراتها وايماءاتها بفلسفة عميقة في تقديم معادل بصري للنفس البشرية واوهامها فمخلب القرد” ليست مجرد قصة عن التعويذات، بل عن الإنسان حين يمد يده إلى المجهول ليغيّر مصيره، فيكتشف أن القدر لا يُخدع، بل ينتقم.
قدمها المخرج في سياقٍ مسرحي بسيط لكنه محمّل بالتوتر والرهبة، وتعتبر نموذجًا في كيفية توظيف الخرافة بصريا وجماليا لإثارة أسئلة فلسفية عن الحياة والموت والمصير
وضع شخصياته في مواجهة مع الذات المظلمة داخل الإنسان، ليُظهر أن الرعب الحقيقي ليس في القوى الخارقة، بل في رغبات الإنسان نفسه، انها تأملًا فلسفيًا في طبيعة الرغبة الإنسانية.
جهود مباركة لفريق العمل رئيس الفرقة ميثم بدر ومساعدة المخرج ايمان سليمان والمخرج المنفذ عبد العزيز قطان والمؤثرات الصوتية هاني عبد الصمد ومصمم الاضاءة فيصل العبيد ومصمم الديكور محمد البهبهاني ومصمم الازياء راشد جمعة والتدقيق اللغوي علي بولند والاشراف العام محمد الربيعان والاشراف الموسيقي هاني عبد الصمد وتصميم وتنفيذ التقنيات د.حسين الحسن والمدير المالي بدر سالمين والموسيقى والمؤثرات الحية احمد الوادي ومدير الانتاج محمد الموسوي ومصمم البوستر محمد العلي
بينما جسد الادوار عبد العزيز البهبهاني وفاطمة اسد ومهدي كرم
والإعداد والاخراج فهد الاحمد
مسرحية مخلب القرد/ الكويت
بقلم : د.فراس الريموني
في زمن مخلب القرد...
لا شيء..
غرق في الوهم .. شهيق ..غرق جماعي .. شهيق .
وهم وجهل وغموض ..
رقعة الحياة محاصرة بين جنودها وقلعتها ، كل حركة ماكرة ، كش ملك، مات الملك، تحول بالإيقاع بين الحلم والكابوس
المستوى الاول وسط المكان معزول ومحاصر ، رقعة جنودها مبتورة الايدي..
اوهام وقصص خيالية ،قصص خرافية خزعبلات بطولات وهمية أمنيات ساذجة
تدور الرقعة ويثبت الجهل والتخلف
عقول محنطة جافة نزلت بها لعنة
يتأرج الأنسان بين الماضي والحاضر وتدور به الرقعة بالأتجاهين ، ليصل الى اللا شيء
فلسفة التمني المعقول، وسط الكآبة والضباب والاوهام ..
فرح نزير وضريبة باهضة
تكرار الحماقة ، وتراكم الخيبات، الطمع، والفقد، والعبث الوجودي وتحدي القدر، فقدان التواضع أمام القوى الميتافيزيقية.
إنها تحذر من تحقيق الرغبات دون ثمنٍ أخلاقي يؤدي إلى الخراب، وكل رغبة تحمل في داخلها بذرة فنائها.
فصل شتاء رياحه العاتية وايقاعه البطئء، حزن وهروب وأنتظار وهم وجهل وألم ..وحصد اللاشيء
يسيطر الخراب والدمار وبرد لاينتهي.
قصة لويليام جيكوبز، هي من أشهر القصص المسرحية القصيرة في الأدب الإنجليزي، تنتمي إلى أدب الرعب القوطي وتحمل طابعًا فلسفيًا عميقًا حول القدر والطمع الإنساني. وتعد من أوائل النصوص التي أسست أدب الرعب النفسي الواقعي قبل إدغار آلان بو وستيفن كينغ. حتى أنه سبق زمنه بتقديم رؤية تشاؤمية عن الإنسان، قريبة من روح الأدب الوجودي الذي ظهر لاحقًا مع كافكا وسارتر
تحكي المسرحية (المقتبسة من القصة الأصلية التي نُشرت عام 1902) عن عائلة صغيرة — السيد والسيدة وايت وابنهما هربرت — يعيشون حياة هادئة حتى يحصل السيد وايت على "مخلب قرد" غامض من صديقه الرائد موريس.
يُقال إن هذا المخلب يمنح حامله ثلاث أمنيات، ولكن كل أمنية تتحقق بثمنٍ فادح.
تبدأ المأساة حين يتمنى السيد وايت مبلغًا من المال، فيتحقق ذلك عبر موت ابنه في حادث عمل، ثم تتوالى الأحداث حتى ينهار كل شيء تحت وطأة الرغبة في تحدي القدر.
اشعلت المسرحية تساؤلات وجودية حول التمنى وعواقبه والقدر ومواجهة ظلال مخاوفنا والغوص في تقلباتنا النفسية تبدأ من برودة الليل ، والستائر المسدلة و النيران تشتعل ساطعة بينما الابن يلعب الشطرنج مع الأب، الذي كان يمتلك أفكاراً تتضمن تغييرات جذرية بشأن اللعبة ، و يضع ملكه في مواقف خطيرة وغير مرغوبة .
المكان كريه موحل نائي، هو الأسوأ، الممر عبارة عن مستنقع و الطريق عبارة عن سيل .
البوابة تغلق بعنف، صوت خطوات ثقيلة تقترب من الباب
انه الرقيب المخمور موريس
تلتف حوله العائلة، يحدثهم عن الأماكن النائية، وعن المشاهد الغريبة والأفعال الشجاعة .. عن الحروب و الأوبئة.
وعن حبه لرؤية المعابد القديمة والمشعوذين وعن مخلب قرد، مخلب صغير عادي مجفف لمومياء "
هناك لعنة صنعها أحد السحرة القدامى تبين أن القدر يحكم حياة الناس، وأن من يحاول تغييرها إنما يفعل ليلقى حتفه .
الخرافة مسيطرة على عقلية الجنرال المتقاعد، استطاع إقناع رجل وزوجته بسيطرة مخلب القرد على مجريات الأمور وتسيير القدر في الاتجاه الذي يرغبونه.. فقد أقنعهم بأن مخلب القرد المحنط الذي يحمله معه من إحدى الغابات الهندية التي حارب فيها في شبابه، له تأثير غامض على من يحمله، يتمنى ثلاث أمنيات في وجود هذا المخلب الأسطوري المسحور في غابات الهند الغامضه، حتما تتحقق أمنياته بدون أدنى شك
يستمر تيار الوهم مسيطرا عليهم بارتباط هذا المخلب بالقدر والسماء!، فالمخلب رسول قدري بأن المكتوب على الإنسان حتما سيراه خاصة في ظل وجود هذا المخلب المقدس والسماوي والمسحور في آن واحد!
يدفع الإنسان أمواله لكي يقتني الوهم والخرافة والطمع في تحقيق الأحلام بدون عمل حتى لو كانت مجرد مخلب لقرد!
في زمن مخلب القرد تساؤلات كثيرة صار الوهم حقيقة! لكنها حقيقة مأساوية شديدة القتامة والبؤس.. عشاق الخرافة لا يجدون ملاذا من الوهم والفاجعة سوى بوهم آخر.
المقبرة الضخمة الجديدة على بعد ميلين ، دفنت العائلة المكلومة فقيدها ، وعادا إلى بيت يلفه الصمت و الظلال. تم كل شيء بسرعة بالغة حتى أنهما لم يستطيعا استيعاب ما حدث، وظلا في انتظار أن يحدث شيء جديد .. شيء يخفف الحمل القاسي على القلبين العجوزين .
لكن الأيام مرت، وحل اليأس محل التوقع، كانت أيامهم طويلة لحد الإرهاق .
صرخت مخلب القرد
أين هو ؟
الأمنيتان الباقيتان
غرقا في صوت الساعة الرتيب ، و لم ينطق أحدهما بحرف . ثم أحدثت درجات السلم صريراً
إنه ابني، دوت طرقة أخرى، وأخرى، تحررت المرأة وهرعت عبر الحجرة. لاحقها الزوج حتى الباب منادياً عليها بينما تهرع عبر السلم. سمع جلجلة السلسلة، والمزلاج السفلي يسحب ببطء نحو النهاية ثم دوى صوتها متوتراً ولاهثاً المزلاج صاحت بصوتٍ عال تعال، لا أستطيع الوصول إليه .
القدر يعاقبه بالاكتواء بوهم الخرافة ذاتها بوقائع حقيقية وحوادث تبدو خرافية حقا من شدة غرابتها..
تعاقبه على إلغاء عقله، اعتمادًا على كل ما هو مرتبط بالدجل والوهم والنزق النفسي.
تجلت هذه الحكاية بفضاء مسرحي يجعلك وسط الأحداث ويأخذك الى وجعهم عبر
خشبة المسرح التي قسمها المخرج لعدة مستويات من الوهم في مركزها رقعة شطرنج تجثم على رقعة الحياة يلفها رقعة ضبابية المكان والزمان.
يقودها ايقاع ومؤثرات موسيقية حية من كواليس الرقعة الرابعة تجسد التوتر الأبدي بين القدر المحتوم والرغبة في السيطرة على المصير وتشعرنا صوت الرياح بمحاولة الإنسان التحكم في مجرى القدر التي تفضي إلى الهلاك.
تقدم المسرحية تصورًا وجوديًا مبكرًا: العالم لا يستجيب لرغباتنا الأخلاقية أو العاطفية، بل يسير وفق نظامٍ قاسٍ ومحايد. موت الابن بلا سبب "عادل" يعكس عبثية الوجود الإنساني أمام قوى لا تُفهم.
النص يستخدم أسلوبًا اقتصاديًا ومشحونًا بالتوتر:الجمل قصيرة، والإيقاع متسارع. الحوار بسيط لكنه عميق المعنى.والاعتماد على الإيحاء والظلال أكثر من الوصف المباشر. نصًا مسرحيًا مكثفًا، يجمع بين الإثارة الدرامية والتأمل الفلسفي.
وجاءت بنية الدرامية في الحدث المحوري: تقديم المخلب كرمز للسلطة الخارقة التي تمنح الإنسان قدرة زائفة على تغيير مصيره بينما العقدة: وقوع الأمنيات الثلاث وتحوّلها من أملٍ إلى لعنة وجاءت الذروة:عندما تتمنى السيدة وايت عودة ابنها من الموت، فيُسمع طرقٌ على الباب... فيتراجع الأب عن الأمنية الثالثة لوقف الكارثة، والنهاية: لحظة صمت قاتلة — الباب يُفتح، ولا يظهر أحد. إنها النهاية المفتوحة التي تترك المتفرج بين الرعب والشفقة.
رسم فيصل العبيد بالإضاة المسرحية الجو العام يغلفه الغموض والبرودة، مما يعزز الإحساس بالرعب النفسي لا الجسدي
لون المتاهة يلف المكان بإيقاع ازرق والضوء يتخللها بين تحقيق الحضور الجسدي او مصادرته
وازياء مثقلة بالشتاء والحزن والعفن رمادية كئيبة مثل اكفان الفزاعات
ممثلين محترفين جسدوا كل هذا الحزن بإيقاع درامي مدهش بعد الفهم والتحليل النفسي جسد شخصية الصول أحمد اياد بمخلب القرد الذي يمثل اللاوعي الإنساني — الرغبات المكبوتة التي تتجلى حين تُتاح لها القوة الخارقة. الرمز المركزي في المسرحية، يُجسد الطمع البشري والثمن الباهظ للرغبة. كما يمكن قراءته بوصفه استعارة عن "الشيطان" أو "الإغراء" الذي يختبر الإنسان
جسدت الممثلة فاطمة أسد "الأنا العاطفية" التي ترفض الفقد، جسّد الإنسان العادي الذي تغريه فكرة امتلاك السيطرة على مصيره، فيتحوّل من الرضا بالقليل إلى التمرد على النظام الكوني.
بينما جسد الممثل عبد العزيز البهبهاني "الأنا العاقلة" التي تدرك متأخرًا خطأ التمرد على النظام الكوني. تمثل الجانب العاطفي الذي يرفض منطق الموت، وتدفع بالحدث نحو الكارثة
وجسد الممثل مهدي كرم دور الابن الضحية
صنع المخرج فهد الأحمد فرجة مسرحية رسم حركتها وتكويناتها واشاراتها وايماءاتها بفلسفة عميقة في تقديم معادل بصري للنفس البشرية واوهامها فمخلب القرد” ليست مجرد قصة عن التعويذات، بل عن الإنسان حين يمد يده إلى المجهول ليغيّر مصيره، فيكتشف أن القدر لا يُخدع، بل ينتقم.
قدمها المخرج في سياقٍ مسرحي بسيط لكنه محمّل بالتوتر والرهبة، وتعتبر نموذجًا في كيفية توظيف الخرافة بصريا وجماليا لإثارة أسئلة فلسفية عن الحياة والموت والمصير
وضع شخصياته في مواجهة مع الذات المظلمة داخل الإنسان، ليُظهر أن الرعب الحقيقي ليس في القوى الخارقة، بل في رغبات الإنسان نفسه، انها تأملًا فلسفيًا في طبيعة الرغبة الإنسانية.
جهود مباركة لفريق العمل رئيس الفرقة ميثم بدر ومساعدة المخرج ايمان سليمان والمخرج المنفذ عبد العزيز قطان والمؤثرات الصوتية هاني عبد الصمد ومصمم الاضاءة فيصل العبيد ومصمم الديكور محمد البهبهاني ومصمم الازياء راشد جمعة والتدقيق اللغوي علي بولند والاشراف العام محمد الربيعان والاشراف الموسيقي هاني عبد الصمد وتصميم وتنفيذ التقنيات د.حسين الحسن والمدير المالي بدر سالمين والموسيقى والمؤثرات الحية احمد الوادي ومدير الانتاج محمد الموسوي ومصمم البوستر محمد العلي
بينما جسد الادوار عبد العزيز البهبهاني وفاطمة اسد ومهدي كرم
والإعداد والاخراج فهد الاحمد