سميرة جياد تودّع الإعلام بإرثٍ لا يُمحى
سميرة جياد تودّع الإعلام بإرثٍ لا يُمحى
السيدة سميرة جياد الحسناوي إذاعية مبدعة عرفتها عن قرب منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي وزاملتُها منذ حوالي ربع قرن ..
أول أمس (الأحد) كان آخر يوم لها كمديرة لأقدم إذاعات الوطن العربي ( إذاعة جمهورية العراق )، في ذلك اليوم غابت شمسُ إدارتها ، لكن نورها لم يَغِبْ ، فهي سيدةٌ من نور ، بصوتٍ يعانق الأثير ، كأنَّ صوتها الجنوبي نسمةٌ تروي الضمير...
في رحابِ بغداد ، حيثُ يهمسُ دجلة بأشعارِ العشقِ والألم ولِدَ صوتٌ كالنهر ، عذبٌ وجريء ، يُدعى سميرة جياد ..
تُلقي البرامج على مسامعِ الناسِ بلغةِ الشعر ، وبنغمٍ يحملُ همساتِ الرافدين ..
ومن شاشاتِ التلفزيون وصوت الأثيرِ إلى قاعاتِ القرارِ وفن الإدارة ، نسجتْ سميرة جياد حكايةً من نور ، مذيعةٌ ترسمُ الكلماتِ كلوحاتِ فجر ، ومديرةٌ تدير محطاتٍ إعلامية ، كأنها قصورٌ من ضوء ، تضيءُ ظلماتِ الزمنِ العاصفِ ..
في أروقةِ الإذاعة ، حيث الصمتُ يحتضر ، كانت نجمةً ، تضيءُ دروبَ الإذاعة بلمسة هنا وملاحظة هناك وتقويم ها هنا ..!
مديرةٌ بقلبٍ من حديدٍ وروحٍ رقيقة ، مثالية ، كأنَّ الالتزامَ لها صديق ورفيق ورسالة ، فكانت أيقونةٌ في الإدارة المهنية ، نسجتْ من الصدقِ رداءً ووساماً ، ولتصبح ( من وجهة نظر شخصية ) أفضل مديرة عملت في شبكة الإعلام العراقي على صعيد النساء ..
في عدة محطات وخصوصاً في إذاعةِ جمهورية العراق ، حيثُ التاريخُ يُكتب ، كانت قائدةً وصديقة وزميلة لمعظم من عمل معها ...
وهي كمديرة لعدة محطات ، لها مالها ، وعليها ما عليها ، نتفق على طريقتها في الإدارة وربما نختلف ، لكنها تبقى نجمةً في سماءِ الالتزام ..
أستثمرت خبرتها الإعلامية فكانت توزع ملاحظاتها وتوجيهاتها على زملائها العاملين معها ، ومع ذلك لا أتذكر أنها وجهت إليَّ ملاحظة على عملي طيلة زمالتي الطويلة لها ، لأنها تعرف مدى حرصي والتزامي وحبي لعملي ، لكنها لم تبخل في دعمي وتشجيعي وشرح ما تريده مني كمديرة ومسؤولة عن أقدم الإذاعات العربية ..
انتهتْ رحلتُها الناجحة كمذيعة ومديرة ، لكنَّ الأثرَ باقٍ ، لأن في كلِّ زاويةٍ من الإذاعة ، بصمةٌ لها عابقة ، فهي روحٌ قادتْ بإخلاصٍ، وأحلامٌ لم تُعقْ رغم التحديات ..
أخيراً ، أتمنى أن نهايةُ عملها ليستْ ختاماً ، بل فصل جديد ..
شكراً للإعلامية المميزة السيدة أم مصطفى ..????
