منذ اختفاء الصحفي جمال خاشقجي في الثاني من الشهر الجاري، اتجهت أصابع الإتهام نحو الرياض، وتوجهت أصوات العالم نحو السعودية كمتهمة رئيسية في ما بات يعرف بقضية تصفية الصحفي #خاشقجي ومع اقتراب رائحة القتل وتجاوزها للحدود وجدت المملكة نفسها غارقة في جريمة تقيلة محاولة إخفاء معالم الجريمة.
وتبدو نازلة اختفاء أو اغتيال #خاشقجي في البداية قصة متشابكة تنفي فيها السعودية قتلها للصحفي وتؤكد مغادرته للسفارة ، دون أن تدري حجم الجريمة الكبرى والتي اقدمت عليها تامة بركنها المادي والمعنوي.
فهي قتلت صحفي وفوق أرض أجنبية، إضافة إلى كونها أقدمت على الفعل الإجرامي داخل قنصلية يفترض منها أن تكون مكانا محصنا أمنيا وديبلوماسيا، كما هي حال جميع الممثليات الدبلوماسية.
ففي البداية التزمت السعودية مبدأ الصمت قبل ان تخرج في وقت لاحق وتؤكد أن الصحفي #خاشقجي خرج وغادر القنصلية من بابها الرئيسي دون أن يتداول إعلامها الرسمي في بداية الحدث خبر مقتل #خاشقجي مقتصرة فقط على إعلان اختفائه.
وكان خاشقجي الذي كان ينتقد السعودية بشكل كبير قد شوهد آخر مرة وهو يدخل القنصلية في 2 أكتوبر/ تشرين الأول، ونفت السعودية في البداية التعرض له أو قتله وقالت في البداية إنه غادر المبنى دون أذى، قبل ان يتغير وبشكل كبير تصريح المملكة حول قصة القتل مؤكدة عبر نائبها العام السعودي أن التحقيقات الأولية أظهرت وفاة الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بمدينة اسطنبول، حسبما نقلت وسائل إعلام رسمية عنه، معللا تصريحه الأخير بأنه تمت مناقشات ومناوشات بين جمال خاشقجي وبين أشخاص قابلوه ان تواجده داخل القنصلية السعودية بإسطنبول مما أدى إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي تطور وأدى الى وفاته.
ما يؤكد أيضا ان للسعودية يد في القضية هو منع خطيبته من مصاحبته داخل القنصلية رغم أنهما معنيان بشواهد ووثائق الزواج كما تم مصادرة هاتفه قبل الدخول.
وما زاد الطين بلة هو المراقبة المكثفة للأجهزة التركية للصحفي جمال خاشقجي قبل ولوجه مبنى القنصلية السعودية باسطنبول، مؤكدا في ذات السياق المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين مساء الأربعاء 03 أكتوبر 2018 على الساعة الرابعة بعد الزوال أن خاشقجي لا يزال في القنصلية السعودية في اسطنبول وأن السلطات التركية تراقبه منذ دخوله وتؤكد منع خطيبته من الدخول وأنها تتواجد أمام القنصلية.
وحتى لا تسقط تركيا في فخ جريمة لا ناقة ولا جمال فيها أكد كالين أن وزارة الخارجية التركية والشرطة تراقبان الوضع من كثب، مضيفا أن انقرة على اتصال على طول اليوم بمسؤولين سعوديين، محاولة تركيا تبرئة نفسها من جريمة أقيمت على ترابها ولو انها داخل قنصلية سعودية.
ما جعل الجميع يتأكد أن للسعودية يد طويلة في الجريمة هو قدوم خديجة الخطيبة التركية لخاشقجي على الإعتصام أمام القنصلية بعد تأخر خروج خطيبها مؤكدا لها بعض الحراس أنه غادر القنصلية، وكانت تسعى من الإعتصام الحصول على معلومات عنه وهي تعلم أنه لم يخرج من القنصلية.
بعدها حصل مكتب الجزيرة بتركيا على معلومات هامة وهو ان قبل دخول جمال للقنصلية دعى مسؤولين سعوديين جميع الموظفين السعوديين لاجتماع قبل ربع ساعة من دخول خاشقجي، وبعدها وقبل دخوله تم تسريح جميع الموظفين الأتراك من عملهم قبل وقتهم الإعتيادي ومنحهم عطلة ذلك اليوم.
وبعدها خرج توران كيسلاكجي، وهو صديق خاشقجي ويترأس جمعية تركية عربية للصحافيين، مبرزا انه اتصل بالسلطات التركية التي اكدت له انها تتابع القضية من كثب وتتابع خاشقجي قبل دخوله للقنصلية،زد على ذلك مكانة خاشقجي داخل المعارضة السعودية فلطالما انتقد الأمير وسياسته ودعاه الى فتح حوار تشاركي مع جميع الفئات كما انتقد سياسة الحكومة وتطاول السلطة على الحقوق الإجتماعية والسياسية داخل الوطن السعودي. وكان قد اختار خاشقجي العيش في المنفى في الولايات المتحدة العام الماضي خوفا من احتمال توقيفه من طرف السلطات السعودية، بعدما انتقد عددا من قرارات ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والتدخل العسكري للرياض في اليمن وندد بسياسة السعودية ودورها في التخريب وفتل الحروب.
وبعد كل هذا لم يلتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصمت الرهيب الذي التزمه بعد أن تأكد هو أيضا أن السعودية تبدو فعلا ضالعة في مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي، مبرزا هذا بشهادة خطيبة جمال والتي أخبرت مسؤولين سعوديين باختفاء خطيبها دون أدنى اهتمام للديبلوماسية السعودية، مؤكدا الرئيس الأمريكي أنه أصبح لزاما معرفة ما حدث للكاتب السعودي جمال خاشقجي قبل مناقشة صفقات السلاح مع السعودية هذه الأيام ، مشددا على أنه إذا تبين ضلوعها في اختفائه أو مقتله فإن ذلك لن يخدم السعودية.
وبعدها تؤكد مصادر مطلعة وعلى رأسها صحيفة يني شفق التركية إن السلطات التركية والمخابرات العليا حصلت على تسجيلات صوتية، تسمع فيها أصوات العراك بين خاشقجي وقاتليه في الغرفة والذي امتد لدقائق قبل أن يحقن بمادة سامة ليسقط ويغمى عليه، لتقوم الفرقة بنقل خاشقجي بعد قتله إلى غرفة ثالثة، وهناك بدأوا بتقطيع أوصال جسده، بعدها قاموا بإخفاء أشلاء جثة خاشقجي، في حقائب كبيرة الحجم اشتروها من سوق “سيركجي” في اسطنبول، وكانت السلطات التركية تراقب تحركاتهم عن بعد ونقل مرسيدس “فيتو”، التي بدورها أرسلتها إلى منزل القنصل على بعد 300 متر من المقر.
هي كلها دلائل وإن لم تكن ثبوتية الى حد ما، لكنها تبين تورط السفارة السعودية في مقتل الكاتب جمال كما توضح الكاميرات أيضا، وإن لم يقتل من داخل القنصلية فمن اين خرج جمال؟ لماذا السعودية في البداية نفت خبر تواجده بالقنصلية مؤكدة خروجه منها؟ ولماذا بعد ذلك صرحت السعودية أنه وقع شجار بينه وبين مواطنين داخل القنصلية فهل الشجار بدون اسلحة يؤدي للقتل؟ اليست السعودية اعترفت نسبيا بجريمتها في انتظار الإعتراف الضمني والصريح ؟ 
وبعدها ياتي خطاب  تركيا واستقبال الملك السعودي لابن خاشقجي لتبردة الأوضاع في نفس اليوم وطي قصة دامت ثلاثة أسابيع.
وقال أردوغان إن سلطات الأمن التركية بدأت تحقيقاتها في إسطنبول "فور تلقي البلاغ من خطيبة جمال خاشقجي (خديجة جنكيز)، وتم تدقيق محتوى كاميرات المراقبة ولم يعثر على صور خروجه من القنصلية السعودية".
وشدد أردوغان على أن "الجريمة وقعت في مبنى القنصلية الذي يعتبر من الأراضي السعودية، لكن يجب ألا ننسى أنها داخل حدود تركيا"، معتبرا أن "مقتل جمال خاشقجي جريمة مخطط لها". وطرح مجموعة من الأسئلة خلال إلقاء خطابه عن خاشقجي بشأن ما تردد الأيام الماضية، قائلا: "أين جثته؟" و"من هو المتعاون المحلي؟".
وجاء في خطابه: "لماذا لم يسمحوا لنا بتفتيش القنصلية السعودية في نفس يوم وقوع الجريمة ولماذا سمحوا بعد عدة أيام؟"، مشددا على أن أسئلته "لن تمر مرور الكرام"، ليوضح بعدها أن "هناك أدلة بأن الجريمة تم ارتكابها بتخطيط واسع النطاق".
وفي كلمته خاطب أردوغان العاهل السعودي، الملك سلمان بن العزيز، قائلا: "علينا محاسبة من قام بدور في الجريمة.. وأنا أؤمن بحسن نية الملك سلمان وأنه سيتعاون معنا"، مطالبا بـ"تشكيل لجنة محايدة للتحقيق"، والتي قال عنها: "إجراء التحقيق من لجنة محايدة أمر مهم.. والإسلام والقانون الدولي والقانون التركي يؤكدون ضرورة معاقبة المجرمين".
ووجّه أردوغان رسالته إلى الملك سلمان: "أتمنى محاكمة الـ18 المتورطين بجريمة جمال خاشقجي في إسطنبول"، لافتا الأنظار في نفس الخطاب إلى أن "الضغط الإعلامي في تركيا وخارجها أسفر عن السماح للمحققين الأتراك بتفتيش القنصلية السعودية".
كلها دلائل تؤكد تورط السعودية في مقتل خاشقجي ومنها تحاول تركيا تبرئة نفسها من الفعل الإجرامي المنسوب اليها، لتطوي صفحة الصحفي خاشقجي كأنها قصة لم تكن.
التاريخ : 10-24-2018
رقم الموضوع : 7
جريدة : قناة الدروب الفضائية
 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
