الفنانة اللبنانية ليديا أبو ابراهيم .. واقعية وفطرية ومعالجة الرسم بالنحت .. --- بقلم: أديب مخزوم ـ
الفنانة اللبنانية ليديا أبو ابراهيم ..
واقعية وفطرية ومعالجة الرسم بالنحت ..
--- بقلم: أديب مخزوم ـ
تتميز الفنانة اللبنانية الشابة ليديا أبو ابراهيم ، بأنها تجمع في بعض أعمالها، بين الرسم والنحت ( الرولييف ) في حين تعتمد في أعمالها الأخرى على تقنية الرسم المألوفة، في خطوات تجسيد الوجوه والأجساد والطبيعة والبيوت وغيرها ، وكل ذلك بطريقة أقرب الى الفن الفطري، لأنها تعمل حسب مزاجها، وبعيدا عن التصنيفات المدرسية، واللوحة الواقعية التي تقدمها، بدقتها القصوى، تحمل نفحات غرائبية ورمزية أحياناً، لصيقة بذاتها وناتجة عن أختبارتها الخاصة في تحضير العجائن والمواد .
ولوحاتها من هذا المنطلق تعمل على تعريف الجمهور بأجواء تشكيلية وعناصر مغايرة لمألوفهم، كما تدعم الخطوات المتمسكة بالرسم الواقعي الدقيق، الذي يتطلب مزيدا من الصبر والجلد والوقت الطويل ( قد يستغرق أنجاز العمل أسبوع أو أكثر على حد قولها ) .. ولهذا فهي تسير بعكس الفنانين الذين يعتمدون الأختزال والأختصار والتبسيط والتجريد والعفوية اللونية والخطية . والعمل الواقعي الممهور بإمضاء ليديا أبو ابراهيم، في كل تحولات مواضيعها، هو عمل يلامس ملامح الرسم والنحت والتكوين الواقعي والرمزي والخيالي، حيث تتجه (أحياناً) نحو الجمع ما بين عدة مشاهد ورموز ومقاطع للوصول إلى شاعرية الحلم . كأن كل زاوية تجسدها ( ببعدين أو بثلاثة أبعاد ) تشكل ثمرة وخلاصة تجربة فنانة اختبرت أسرار التقنيات الواقعية ( متنقلة بين التشكيل النافر، والرسم بالزيتي والأكريليك ) في خطوات أقتناص لقطات خاطفة من حلم الواقع ( من خلال التركيز على رسم موضوع الأمومة والطبيعة وكل مايقع في الدائرة الحياتية من عناصر وأشكال ومشاهد ) .
وهي في أعمالها الواقعية تصل إلى حقائق الأشكال في ظلالها وشاعريتها. وأعمالها وإن اقتربت من الواقعية التسجيلية والفطرية، فهي ليست مجرد محاكاة للعناصر فقط، وإنما تمتلك القدرة على إعطاء الأشكال المرسومة نفحة تشكيلية خاصة ، من خلال تحديد نقاط الالتقاء والافتراق مع الصورة النمطية، ورغم الحفاظ على كل مايتطلبه الرسم الواقعي من قدرة تشريحية ودقة ونمنمة تفصيلية.
فعملها مميز بحد ذاته، ولقد استطاعت الإفصاح بالظل والنور والنسب عن مختلف التعابير الصادقة، وإذا كانت في لوحاتها تركز لإظهار عناصر القوة في الرسم والتلوين الواقعي، فإنها في لوحات أخرى تصل إلى حدود الرسم الخيالي ، وتمنح لوحاتها المزيد من الرؤى الغرائبية أحياناً، بالرغم من حفاظها في مقاطع اللوحة، على تقنيات الرسم والنحت الواقعي، الذي تتخذه منطلقاً لتخيلاتها وتصوراتها وأحلامها.
وهذا ما يجعلها ساعية إلى التقاط إيقاعات الضوء المتدرج نحو العتمة، بحيث تتحول لوحاتها إلى ايقاعات بصرية وحركات شكلية ولونية، تبرز كعناصر جمالية، تستخدمها في التأليف العام للوحتها الواقعية والخيالية في آن واحد .
وليديا تجسد ملامح وتعابير المشاهد والعناصر بعيدا عن صورة الكاميرا بتقنياتها الرقمية القادرة على التقاط أدق درجات الدقة، ودلك لأنها تعطي العمل من ذاتها واحساسها وخبرتها، أي تعمل على تكثيف القدرة في التعبير عن الجوانب الذاتية ، وهذا يعني انها أمتلكت القدرة على رفد المشهد التصويري الواقعي بعطاءات خاصة، ضمن أطر مغايرة للأنماط المألوفة والشائعة والمطروحة، على الأقل في قدرتها على تحقيق الناحية الأسلوبية، على الصعيدين التكويني والتقني ـ دمج الرسم بالنحت . حيث تقترب من التداخل الذي طالما تحدثه بين الواقع والخيال ( حين تدمج أحياناً في اللوحة الواحدة بين الواقعية والخيالية) وتبرز إيقاعات الأشكال المضيئة داخل لونية خافتة أو معتمة . وفي خطوات الانتقال من لوحة إلى أخرى، نقع على مقترحات إجادة التعامل مع الواقع ، سعياً وراء اكتشاف أسرار الحياة والحركة والإيقاع الواقعي الخارجي. وبذلك فهي تحقق الأسلوبية والعنصر الذاتي، لأنها تعمل بمحبة وصدق وعشق دائم، ومتى وجد الصدق، وجد التميز .
أديب مخزوم - ناقد وفنان ومؤرخ موسيقي ..
عضو مؤسس في جمعية النقاد والباحثين ..
مؤلف كتاب تيارات الحداثة في التشكيل السوري - دمشق

واقعية وفطرية ومعالجة الرسم بالنحت ..
--- بقلم: أديب مخزوم ـ
تتميز الفنانة اللبنانية الشابة ليديا أبو ابراهيم ، بأنها تجمع في بعض أعمالها، بين الرسم والنحت ( الرولييف ) في حين تعتمد في أعمالها الأخرى على تقنية الرسم المألوفة، في خطوات تجسيد الوجوه والأجساد والطبيعة والبيوت وغيرها ، وكل ذلك بطريقة أقرب الى الفن الفطري، لأنها تعمل حسب مزاجها، وبعيدا عن التصنيفات المدرسية، واللوحة الواقعية التي تقدمها، بدقتها القصوى، تحمل نفحات غرائبية ورمزية أحياناً، لصيقة بذاتها وناتجة عن أختبارتها الخاصة في تحضير العجائن والمواد .
ولوحاتها من هذا المنطلق تعمل على تعريف الجمهور بأجواء تشكيلية وعناصر مغايرة لمألوفهم، كما تدعم الخطوات المتمسكة بالرسم الواقعي الدقيق، الذي يتطلب مزيدا من الصبر والجلد والوقت الطويل ( قد يستغرق أنجاز العمل أسبوع أو أكثر على حد قولها ) .. ولهذا فهي تسير بعكس الفنانين الذين يعتمدون الأختزال والأختصار والتبسيط والتجريد والعفوية اللونية والخطية . والعمل الواقعي الممهور بإمضاء ليديا أبو ابراهيم، في كل تحولات مواضيعها، هو عمل يلامس ملامح الرسم والنحت والتكوين الواقعي والرمزي والخيالي، حيث تتجه (أحياناً) نحو الجمع ما بين عدة مشاهد ورموز ومقاطع للوصول إلى شاعرية الحلم . كأن كل زاوية تجسدها ( ببعدين أو بثلاثة أبعاد ) تشكل ثمرة وخلاصة تجربة فنانة اختبرت أسرار التقنيات الواقعية ( متنقلة بين التشكيل النافر، والرسم بالزيتي والأكريليك ) في خطوات أقتناص لقطات خاطفة من حلم الواقع ( من خلال التركيز على رسم موضوع الأمومة والطبيعة وكل مايقع في الدائرة الحياتية من عناصر وأشكال ومشاهد ) .
وهي في أعمالها الواقعية تصل إلى حقائق الأشكال في ظلالها وشاعريتها. وأعمالها وإن اقتربت من الواقعية التسجيلية والفطرية، فهي ليست مجرد محاكاة للعناصر فقط، وإنما تمتلك القدرة على إعطاء الأشكال المرسومة نفحة تشكيلية خاصة ، من خلال تحديد نقاط الالتقاء والافتراق مع الصورة النمطية، ورغم الحفاظ على كل مايتطلبه الرسم الواقعي من قدرة تشريحية ودقة ونمنمة تفصيلية.
فعملها مميز بحد ذاته، ولقد استطاعت الإفصاح بالظل والنور والنسب عن مختلف التعابير الصادقة، وإذا كانت في لوحاتها تركز لإظهار عناصر القوة في الرسم والتلوين الواقعي، فإنها في لوحات أخرى تصل إلى حدود الرسم الخيالي ، وتمنح لوحاتها المزيد من الرؤى الغرائبية أحياناً، بالرغم من حفاظها في مقاطع اللوحة، على تقنيات الرسم والنحت الواقعي، الذي تتخذه منطلقاً لتخيلاتها وتصوراتها وأحلامها.
وهذا ما يجعلها ساعية إلى التقاط إيقاعات الضوء المتدرج نحو العتمة، بحيث تتحول لوحاتها إلى ايقاعات بصرية وحركات شكلية ولونية، تبرز كعناصر جمالية، تستخدمها في التأليف العام للوحتها الواقعية والخيالية في آن واحد .
وليديا تجسد ملامح وتعابير المشاهد والعناصر بعيدا عن صورة الكاميرا بتقنياتها الرقمية القادرة على التقاط أدق درجات الدقة، ودلك لأنها تعطي العمل من ذاتها واحساسها وخبرتها، أي تعمل على تكثيف القدرة في التعبير عن الجوانب الذاتية ، وهذا يعني انها أمتلكت القدرة على رفد المشهد التصويري الواقعي بعطاءات خاصة، ضمن أطر مغايرة للأنماط المألوفة والشائعة والمطروحة، على الأقل في قدرتها على تحقيق الناحية الأسلوبية، على الصعيدين التكويني والتقني ـ دمج الرسم بالنحت . حيث تقترب من التداخل الذي طالما تحدثه بين الواقع والخيال ( حين تدمج أحياناً في اللوحة الواحدة بين الواقعية والخيالية) وتبرز إيقاعات الأشكال المضيئة داخل لونية خافتة أو معتمة . وفي خطوات الانتقال من لوحة إلى أخرى، نقع على مقترحات إجادة التعامل مع الواقع ، سعياً وراء اكتشاف أسرار الحياة والحركة والإيقاع الواقعي الخارجي. وبذلك فهي تحقق الأسلوبية والعنصر الذاتي، لأنها تعمل بمحبة وصدق وعشق دائم، ومتى وجد الصدق، وجد التميز .
أديب مخزوم - ناقد وفنان ومؤرخ موسيقي ..
عضو مؤسس في جمعية النقاد والباحثين ..
مؤلف كتاب تيارات الحداثة في التشكيل السوري - دمشق
