أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

الكاهن في صدره الكاتبة الروائية ھدى حجاجي احمد لم يكن الليل يومها أثقل… كان ساكنًا إلا قلبه.

الكاهن في صدره الكاتبة الروائية ھدى حجاجي احمد  لم يكن الليل يومها أثقل… كان ساكنًا إلا قلبه.
 
الكاهن في صدره
الكاتبة الروائية ھدى حجاجي احمد
لم يكن الليل يومها أثقل… كان ساكنًا إلا قلبه.
جلس في الركن ذاته من المقهى، يرقب الباب الذي ظلّ عامًا لا يُفتح إلا في خياله. عامٌ من الوعود المؤجّلة، من الانتظار الذي تحوّل إلى طقس، إلى عادة لا يجرؤ على كسرها.
كان الفجر يراوده كل صباح، يعده بأنها ستجيء، بأنّ هذا الضوء الخافت سيحمل ظلّها أخيرًا. لكنه دومًا ما يخونه، يستحيل كأن الليل منه وِكا.
كيف آن لعينيها اغتيال عامٍ من المواعيد؟ كيف لم يُشقّ قلبها أن الفجر قد وشكا؟
لم يكن الغياب ما شقّه، بل حبٌ لا يفهمه. شيء غامض كان يهجم على قلبه كلما فكّر بها، لا يشبه الشوق، ولا حتى العشق. بل انصراعٌ لا يرحم. بل شقّ قلبه حبٌّ لا يدري من أين جاء، ولا كيف استقرّ فيه. كان إذا انصرع له، في كأسه سفكًا… كأنها تشربه هو، لا العكس.
كان يشعر أن الكأس التي يرفعها في غيابها لا تحمل نبيذًا، بل أسراره ودماءه. شيء يستميل منه ما بقي، ويضخّه في الغياب، ثم يبكيه. ثم استمال دماءً منه جارية، وضمّخ الكأس من أسرارها وبكى.
حين كانت تحضر — إن حضرت — يتغير الهواء. الريح تصفع وجهه، والعالم يتأهّب. وما انفكّ يصفع وجه الريح إن حضرت. لكن حين تغيب، يهمد كل شيء، وتملّ المدى نسكًا. يصبح الصمت طقسًا، والحنين عبادة.
عجز أن يفهم. هل هذا الذي يسكنه، يرتقي هُدى؟ أم أن كاهنه في صدره بركا؟ شيء خرافي يتحكم به، لا يُقاس، لا يُفهَم، فقط يُطاع.
لم يجد جوابًا. فقط كان يعود. كل فجرٍ كاذب، إلى الطاولة، وإلى الانتظار

صور مميزة