Falah Almashal · زياد الرحباني، يمضي نحو سماء بعيدة! فلاح المشعل

Falah Almashal
·
زياد الرحباني، يمضي نحو سماء بعيدة!
فلاح المشعل
رحل أيقونة الفن الموسيقي زياد الرحباني نحو سماء بعيدة، مبتعدا عن حياة ما عادت تجذبه أو تغريه، رحل صانع المسرات والنغم تاركا خلفه مصابيح الوجد في الحب، تضيء مع استمرار الوجود لأصحاب الإحساس الاستثنائي في زمن غابت عنه لغة الإحساس.
أمضى زياد سنواته الأخيرة دون نتاج موسيقي يناسب طاقة إبداعه الموسيقي المتجدد في اللحن، وإنتاج أغنية حديثة تحمل ملامح خاصة امتاز بها زياد في مجموعة مهمة من أغاني السيدة فيروز،
أغنية تحاكي الواقع بعفوية وصدق، وترافق اليومي الذي يعيشه الإنسان مع ما يحيط به، لهذا رفض زياد التعامل مع متطلبات السوق وشركاتها، احتجاجاً على نمط تحول الأغنية من طاقة جمالية تحاكي مشاعر الحب والفرح وروح الإنسان وأزماته وانكساراته، أغنية تعادل بعض هموم الواقع، وثمة وقت مستقطع تأخذه الأغنية للتأمل، وتلمس مواقع المسرة ومحاكاة مشاعر الإنسان العربي، لتخفف آثار يومه المأزوم أو المستلب بمخاوف الحروب والقلق المعيشي؛
مش كان هيج الصابون، مش كان هيك الليمون، وحتى أنت يا حبيبي مش كاين هيك تكون.
أغنية زياد رحباني تقوم على فكرة، فكرة يومية متداولة غير مستهلكة، كما هي مشاعر الاشتياق والحب والصداقة والذكريات، تجديد في بناء اللحن وطريقة الأداء وتداخل الأصوات أحيانا، أغنية تنتجها أصوات وموسيقى تشكل يومنا الذوقي،
ع هدير البوسطة ال كانت ناقلتنا
من ضيعة حملايا لضيعة تنورين
تذكرتك يا عليا، وتذكرت عيونك
يخرب بيت عيونك يا عليا شو حلوين
أو
كيفك؟ قال عم بيقولو صار عندك ولاد
أنا والله كنت مفكّرتك برّات البلاد
شو بدّي بالبلاد الله يخلّي الولاد
أي كيفك أنت؟ مَلّا أنت
أما مشواره مع فيروز، فتلك حكاية تنتشر في الذاكرة الجمالية الجمعية للمستمعين العرب، فيض من فضاءات نغمية بتلاوينها المتعددة بالرقة والحس النقي والإدهاش بالتعبير عن مداخل الإنسان في لحظة حب أو تسامي أو حزن شفيف؛
سألوني الناس عنك يا حبيبي، أنا عندي حنين، حبيتك تنسيت النوم، عندي ثقة فيك، بعتلك، وضاق خلقي يا صبي..وأغنيات أخرى عديدة تفيض بالرقة واللحن الجميل والبناء الموسيقي المدهش في التوزيع والأداء الساحر للسيد فيروز.
زياد حالة فريدة واستثنائية في الإبداع الموسيقي وتأليف الموسيقى الدرامية في العديد من المسرحيات والأعمال التي تعبر عن قضايا الوطن والناس، خصوصا إبداعاته في المسرح السياسي الساخر .
لم يستطع المبدع الكبير زياد أن يهبط إلى سوق الأغنية التجارية، لهذا رفض أغنية الجسد والإغراء الجنسي الذي صار يحاكي عيون وغرائز المستمع والمشاهد، وليس ذائقته السمعية وروحه الباحثة عن وجبات من الإنعاش الحسي وجماليات حروف السلم، وهي تتهجى معاني الحب وارتحالاته الحالمة أو اليائسة!
بقي زياد أشبه بالمعتزل في زمن الانحطاط والتهجين النغمي وفقدان هوية الأغنية، وكذلك في طريقة سلقها وتقديمها في بهرجة الأجساد الراقصة، بقي صامتاً متألماً لهذا الانحطاط الذي صار يتمدد من الساحة السياسية إلى ساحات الفن، ويكتسحها بلا هوادة، وهكذا صمت وألم يجعل الفنان يعيش اغتراباً وتعسفاً نفسياً غير مقبول لروحه المرهفة القلقة المتوثبة، من هنا كان الموت حلاً للعبقري زياد رحباني، موت يكتب موقفاً لأعظم عقل موسيقي أنتجته لبنان والرحابنة!

·
زياد الرحباني، يمضي نحو سماء بعيدة!
فلاح المشعل
رحل أيقونة الفن الموسيقي زياد الرحباني نحو سماء بعيدة، مبتعدا عن حياة ما عادت تجذبه أو تغريه، رحل صانع المسرات والنغم تاركا خلفه مصابيح الوجد في الحب، تضيء مع استمرار الوجود لأصحاب الإحساس الاستثنائي في زمن غابت عنه لغة الإحساس.
أمضى زياد سنواته الأخيرة دون نتاج موسيقي يناسب طاقة إبداعه الموسيقي المتجدد في اللحن، وإنتاج أغنية حديثة تحمل ملامح خاصة امتاز بها زياد في مجموعة مهمة من أغاني السيدة فيروز،
أغنية تحاكي الواقع بعفوية وصدق، وترافق اليومي الذي يعيشه الإنسان مع ما يحيط به، لهذا رفض زياد التعامل مع متطلبات السوق وشركاتها، احتجاجاً على نمط تحول الأغنية من طاقة جمالية تحاكي مشاعر الحب والفرح وروح الإنسان وأزماته وانكساراته، أغنية تعادل بعض هموم الواقع، وثمة وقت مستقطع تأخذه الأغنية للتأمل، وتلمس مواقع المسرة ومحاكاة مشاعر الإنسان العربي، لتخفف آثار يومه المأزوم أو المستلب بمخاوف الحروب والقلق المعيشي؛
مش كان هيج الصابون، مش كان هيك الليمون، وحتى أنت يا حبيبي مش كاين هيك تكون.
أغنية زياد رحباني تقوم على فكرة، فكرة يومية متداولة غير مستهلكة، كما هي مشاعر الاشتياق والحب والصداقة والذكريات، تجديد في بناء اللحن وطريقة الأداء وتداخل الأصوات أحيانا، أغنية تنتجها أصوات وموسيقى تشكل يومنا الذوقي،
ع هدير البوسطة ال كانت ناقلتنا
من ضيعة حملايا لضيعة تنورين
تذكرتك يا عليا، وتذكرت عيونك
يخرب بيت عيونك يا عليا شو حلوين
أو
كيفك؟ قال عم بيقولو صار عندك ولاد
أنا والله كنت مفكّرتك برّات البلاد
شو بدّي بالبلاد الله يخلّي الولاد
أي كيفك أنت؟ مَلّا أنت
أما مشواره مع فيروز، فتلك حكاية تنتشر في الذاكرة الجمالية الجمعية للمستمعين العرب، فيض من فضاءات نغمية بتلاوينها المتعددة بالرقة والحس النقي والإدهاش بالتعبير عن مداخل الإنسان في لحظة حب أو تسامي أو حزن شفيف؛
سألوني الناس عنك يا حبيبي، أنا عندي حنين، حبيتك تنسيت النوم، عندي ثقة فيك، بعتلك، وضاق خلقي يا صبي..وأغنيات أخرى عديدة تفيض بالرقة واللحن الجميل والبناء الموسيقي المدهش في التوزيع والأداء الساحر للسيد فيروز.
زياد حالة فريدة واستثنائية في الإبداع الموسيقي وتأليف الموسيقى الدرامية في العديد من المسرحيات والأعمال التي تعبر عن قضايا الوطن والناس، خصوصا إبداعاته في المسرح السياسي الساخر .
لم يستطع المبدع الكبير زياد أن يهبط إلى سوق الأغنية التجارية، لهذا رفض أغنية الجسد والإغراء الجنسي الذي صار يحاكي عيون وغرائز المستمع والمشاهد، وليس ذائقته السمعية وروحه الباحثة عن وجبات من الإنعاش الحسي وجماليات حروف السلم، وهي تتهجى معاني الحب وارتحالاته الحالمة أو اليائسة!
بقي زياد أشبه بالمعتزل في زمن الانحطاط والتهجين النغمي وفقدان هوية الأغنية، وكذلك في طريقة سلقها وتقديمها في بهرجة الأجساد الراقصة، بقي صامتاً متألماً لهذا الانحطاط الذي صار يتمدد من الساحة السياسية إلى ساحات الفن، ويكتسحها بلا هوادة، وهكذا صمت وألم يجعل الفنان يعيش اغتراباً وتعسفاً نفسياً غير مقبول لروحه المرهفة القلقة المتوثبة، من هنا كان الموت حلاً للعبقري زياد رحباني، موت يكتب موقفاً لأعظم عقل موسيقي أنتجته لبنان والرحابنة!


