أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
مديرة التخرير سعاد العتابي

بوتفليقة رجل القدر.. الكتاب المهدد بإيقاف طبعه.. للكاتب والإعلامي عبد العزيز بوباكير/ بقلم: مصطفى بوغازي

image
 الكاتب عبد العزيز بوباكير
الكاتب عبد العزيز بوباكير


في أول اطلاع سريع على الكتاب الذي طالب محامي اللواء خالد نزار وزير الدفاع السابق بوقف طبعه.

أول نسخة للإعلام والجمهور من مطبعة دار الوطن مباشرة.
" لا يلام أحد لسقوطي، لقد كنت العدو الأول لنفسي والسبب في الكارثة التي جلبتها عليها"
نابوليون بونابرت


"بوتفليقة رجل القدر" للكاتب والإعلامي الكبير عبد العزيز بوباكير هذا الكتاب الذي أثار ضجة كبيرة في الوسط الإعلامي والسياسي، كما أثار فضول القراء وتحمسهم الكبير للاطلاع على محتواه نظرا لوزن كاتبه في الساحة الإعلامية فهو كاتب مذكرات الرئيس الراحل الشادلي بن جديد والذي ينتظر صدور الجزء الثاني منها باللغتين العربية والفرنسية هذا الجزء الثاني الذي ظل يعاني من عراقيل تحول دون صدوره لأهمية ما تطرق إليه الرئيس الراحل في فترة حساسة من آخر سنوات حكمه وما تنطلي عليه هذه الحقبة من أسرار كثيرة ظلت طي الكتمان وهي تصيب بشظاياها الكثيرين من صانعي القرار، لتكون إصدارات عبد العزيز بوباكير في كل مرة صدمة تتوزع على أرصدة السياسين والعسكرين على حد السواء، يترقبونها بتوجس وينتظرون انزلاقات المفاجأة بين سطورها مثلما حدث مع كتاب " بوتفليقة رجل القدر" الذي لم ينتظر وزير الدفاع السابق خالد نزار فرصة الاطلاع حتى كلف محاميه أن يوجه أعذارا لمدير دار النشر الوطن اليوم الكاتب الصحفي والروائي كمال قرور يطلب منه توقيف طبع الكتاب على أساس أن اسم موكله ورد في سياق ما تضمنته سطوره، هذا الذي قد يؤذي الجنرال المتقاعد، ومن باب الفضول الذي ظل يؤرقني اتصلت بالصديق مدير الدار ملحا على تمكيني من نسخة ليلا، ليخبرني أن الكتاب مازال في مرحلة اللصق، لأقف صباحا على عتبة المطبعة واستلم أول نسخة للإعلام والجمهور.
صدر الكتاب في حجم متوسط من سسلسة الفنك للكتب بمحتوى مئة وخمسة وعشرين صفحة توزعت على ثلاثة وعشرين مقالا بعناوين مؤثرة وصادمة ومحزنة في نفس الوقت، في هذا الكتاب وبعنوان "الاخوة الاعداء" يعرج على كتاب محمد بن شيكو " بوتفليقة بهتان جزائري "الذي استند على مصدر أساسي في كتابته وهو الشريف بلقاسم، فكان له من ظلم المخلوع بقوانينه الكاتمة للحريات ما زج به في غياهب السجن وهنا يحيلنا عبد العزيز بوباكير إلى معلومة مهمة وهي أن ماجاء فيه كان يمكن أن يكتبه باللغة العربية إذا ماوافق الشريف بلقاسم على ذكر المصدر من حرص بوباكير على المهنية والاحترافية، ومنه نجد أن عبد العزيز يجد في سيرة بوتفليقة خامة مهمة نظرا للجدل الكبير والهالة التي ظلت تحيط هذا الرجل بتناقضاته ومكيافيليته وغموضه ونرجسيته وأخيرا انتقامه من شعب بأكمله فجره إلى براثن الفساد والانسداد والاحباط على جميع الاصعدة.

صناع الرؤساء:

يذكر الكاتب بأن صناع الرؤساء في الجزائر يختلفون عن غيرهم، ويتميزون بحرفة خارقة قائمة بذاتها في أقبية الحكم المظلمة حيث يورد " صناع الرئيس في بلادي ينشطون في مواسم الصيف المتعفنة ويعيشون بلا أسماء كالخفافيش في الظلام، ولا أحد يعرف وجوههم..... لكنهم يجهلون شيئا واحدا، وهو أن في السياسة لا مكان للملك وصناع الملك في آن واحد ، ولا مكان للرئيس وصناع الرئيس في الوقت نفسه.
بوتفليقة الفرانكوفوني والمصالحة مع فرنسا:

من سقطات بوتفليقة التي لا تغفر له أنه أعطى ظهره للشعب وجعل مستعمر الأمس حليفا وقبلة فيذكر الكاتب عبد العزيز بوباكير كيف وافق بوتفليقة على حضور قمة الدولة الفرانكوفونية وهي رسالة صادمة للشعب والتفافا على تضحياته الجسيمة " فحين صعد إلى المرادية قال للجزائريين: تفتحوا على لغات الأقوام الأخرى. ثم جسد تفتحه بالحديث باللغة الفرنسي في كل المناسبات وفي غير مناسبة "وفي مقال آخر يذكر كيف استقبل ديغول الوزير الشاب بوتفليقة سنة 1963 حيث كان من المقرر ان يدوم اللقاء نصف ساعة، لكنه استمر ساعتين ليخرج ديغول قائلا: " هذا الشاب يريد لنا خيرا"

جيسكار، بومدين، بوتف. ولاء أعمى وخذلان لزعيم في أيامه الأخيرة:

يورد الكاتب عبد العزيز بوباكير أن جيسكار آخر الدغوليين الذي ظل استقلال الجزائر علقما يجتره وغصة تسكن حلقه كل حين وكيف استقبل في الجزائرمطلقا عبارته " فرنسا التاريخية تحيى الجزائر المستقلة " وذلك في أفريل 1975 ليرد عليه هواري بومدين " لقد طوينا الصفحة ولم نمزقها، لكن الجزائر هي صنيعة التاريخ" لكن في أيامه الأخيرة وفي سكرات الموت يخذله بوتفليقة ليمر بالاجواء الفرنسية أثناء العودة من موسكو ويرسل برقية إلى جيسكار الذي كتب في مذكراته ص 43: هو نشط، لبق جريء ن كان يغيب عن الأنظار طول أسابيع، دون أن يترك أثرا، كان يحدث له أن يأتي إلى باريس خفية وخلسة دون اطلاعنا، كان ينزوي في شقة بفندق فخم تتردد عليه نساء أنيقات، وهناك من يؤكد أنه يحمل شعرا مستعارا " كلام جيركار ديستان.

النفط لأمريكا، والثقافة لفرنسا والولاء للمملكة المتحدة:

يرى الكاتب أن بوتفليقة قام بمؤامرة عملية علمية على شعبه حيث سلم النفط لأمريكا وارتمى في حضن الفرانكوفونية بالحضور في قمة الدول الفرانكوفونية والتمكين لفرنسا لغة وثقافة، محاولا تكريس مصالحة تاريخية، على حساب ارادة الشعب وتضحياته وقيمه، دون شرط أو قيد، ليغازل التاج البريطاني في مناسبات عديدة، مقدما الجزائريين كرعايا طيعيين يمكنهم الانضمام إلى الكومونولث دون عقد، كل هذه الامثلة تدلل قابلية الرئيس للتبعية وجر الشعب معه والأهم أن يتمسك بسدة الحكم وبمباركة من أصحاب الولاء.

أعذار محامي اللواء خالد نزار والتهديد بمقاضاة دار الوطن اليوم على خلفية كتاب "بوتفليقة رجل القدر"

لم أشغل نفسي بالبحث عن ماذهب إليه محامي اللواء خالد نزار ووزير الدفاع السابق، بل واصلت القراءة بشكل طبيعي يشدني أسلوب الكتاب وبعض المقالات سبق أن قرأتها على صفحات عبد العزيز بوباكير فأنا متابع دائم لما يكتبه، وأمامي لوحة المفاتيح واهتمامي منصب على كتابة هذه السطور للقارئ ولم يسعفني الوقت لأحيط بكل ما جاء في الكتاب، واكتفيت بالتركيز على مقالات بعينها، وقد مررت على ورود اسم اللواء خالد نزار لكنني أترك الفرصة للقاريء، ولرجل القانون محامي اللواء وغيره إذا وجدوا ما يقضي بإدانة الكاتب أو وقف طبع الكتاب أو مصادرته، والذي يستحق التقدير هو الحراك الذي سمح لنا أن نتمتع بقراءة مثل هذا الكتاب وما تضمنه من مقالات فكرية، وإضاءات ساطعة في فضاء من الحرية يمجد قيم الإنسان بعيدا عن الوثنية السياسية وتأليه البشر من شاكلة هذا الذي رأى نفسه رجل القدر وهبة الحكمة الإلهية التي ولته على الأعناق والأرزاق.
 0  0  978