أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
مديرة التخرير سعاد العتابي

مصطفى بوغازي في حوار مع الروائية اللبنانية فوزية عرفات.. فوزية عرفات :"أعمالي تكشف الكثير عن شخصيتي الحقيقة"

image




حاورها / مصطفى بوغازي_ الجزائر

من هي فوزية عرفات ومتى بدأت تعانق وهج الحرف؟

فوزية عرفات، كاتبة لبنانية وطالبة دكتوراه في مجال الآثار والمتاحف، الكتابة بالنسبة لي لم تكن يوما هواية عابرة بل موهبة عملت على تهذيبها بالقراءة، لم تنشأ أول أعمالي الأدبية عن طريق الصدفة بل دربت نفسي على الكتابة من خلال ورش العمل والدورات التدريبية التي تعلمت من خلالها وعلى يد متخصصين مهرة أصول كتابة فن الرواية، والشعر فهو الأخر موهبة قديمة لكنني من النوع الذي يخشى آراء الآخرين وهذا ما جعلني أتردد في النشر أو أتأخر فيه.

الكتابة الساخرة أحد الأوعية والملاذات التي تلجأ إليها الكتابة فوزية ما هي مقومات الكتابة الساخرة التي تؤدي إلى تشريح الواقع؟

– لا أخفيك سرا أن الأدب الساخر هو أكثر الأنواع الأدبية المحببة بالنسبة لي، ليس بالأمر السهل على الكاتب أن يحول الواقع المرير إلى حالة مضحكة، حالة تتذبذب بين النكتة والجد، بين الدمعة والابتسامة دون أن تنحدر قيمتها الأدبية والنقدية فتتحول إلى تهريج، اعتقد أن هذا النوع من الكوميديا السوداء الذي يجعلنا نضحك على (شر البلية) من أصعب الأنواع الأدبية والدليل قلة الكتاب المتخصصين في هذا المجال، أن تكتب بسخرية عن قوانين السير أو غلاء المعيشة أو التخلف عن المواعيد وعمليات التجميل وغيرها من الظواهر الاجتماعية التي أصبحت متجذرة في عمق حياتنا كمواطنين عرب بأسلوب تهكمي يحتاج إلى مقومات مميزة كالتمتع بحس فكاهي إلى حد ما وبعد نظر يجعلك قادر على إخفاء المأساة خلف نوعية كلمات وأسلوب كتابة بسيط ومباشر.

التهجين بين الكتابة السردية والشعر النثري ألا يجعلك عرضة للناقد على أساس هدم خصوصية كل جنس أدبي؟

– المزج بين السرد والقصيدة النثرية ميزة تفردت بها أعمالي الأدبية، ولا أجد في هذا التهجين خرق للأنماط الأدبية السائدة لأن القصيدة في رواياتي لم تحل على النص كضيفة ثقيلة الظل ولم تكن بأي شكل من الأشكال دخيلة على النص بل مترابطة معه ومكملة له، القصيدة في نصوصي هي جزء من الحبكة الأدبية وليست إضافة هامشية.

ما تأثير علم الآثار على كتاباتك وهل هنالك علاقة بين إعادة تشكيل الماضي في الخيال ونقل الواقع إلى الخيال بالإبداع؟

– كل من يقرأ أعمالي يلاحظ فيها هذا الهوس بالتاريخ، أحاول من خلال كتاباتي تسليط الضوء على عراقة تاريخنا كي لا ننسى وسط دوامة العالم الثالث المحكوم بالاستيراد والتأمرك المزيف أننا في يوم ما كنا مركز الأرض والنواة الأولى لتقدم الإنسانية على كافة الصعد العلمية والأدبية والفنية وغيرها…، دائما استشهد بالماضي لأبرز فداحة حاضرنا وهشاشة واقعنا الذي أصبح شبه خاليا لا من الإنجازات وحسب بل من المبادئ أيضا، ساعدتني الخلفية الأكاديمية كوني طالبة في مجال الآثار والمتاحف على امتلاك هذا الحس التاريخي الذي عبد أمامي الطريق لتعرية الحاضر بعناصر تراثية عريقة.

الإنسان في الشرق الأوسط مستهدف في حاضره ومستقبله..حتى ماضيه لم يسلم من الطمس والتدمير..ككاتبة ومتخصصة.كيف يمكن أن نؤسس لفكر يحترم التراث الإنساني على اختلاف أنماطه وجذوره؟

– في الحقيقة ليس الإنسان العربي المستهدف بالدرجة الأولى، لأن الإنسان يفنى مهما كان عظيما الشيء الوحيد الذي يخلد وجوده هو ما يتركه على هذا الكوكب من إنجازات، المستهدف الحقيقي هو تاريخنا، دورنا الرائد كمؤسسين للحضارات أصبح هاجسا يؤرق بعض الجهات التي لا توفر ظرفا لتمارس تطرفها ليس ضد الإنسان وحسب بل ضد إرثه الثقافي أيضا، هذه الهجمة على التراث الثقافي في العراق وسوريا واليمن ولبنان ومصر وغيرها لم تولد من الفراغ ، هذا التدمير الممنهج هو محاولة لطمس الحقائق وقلب التاريخ، أما كيف نحمي تراثنا الثقافي (وهذا هو العنوان العريض لأطروحة الدكتوراه التي اعمل على إعدادها حاليا) يكون من خلال إستراتيجية علمية تبدأ بتعريف الإنسان العربي بتاريخه فمعظمنا مع الأسف لا يعرف شيئا عن تاريخ بلده، وذلك يكون من خلال سلسلة من الممارسات كتفعيل الثقافة التراثية والتربية المتحفية وتضمين المناهج الدراسية مواد تزرع في نفس الطفل إحساسا بالانتماء والفخر والغيرة على إرثه، هذا الطفل هو أكثر قدرة على حماية إرثه الثقافي وأيدلوجيته الخاصة من القوانين والمنظمات الدولية التي جل ما يمكنها تقديمه لنا في ظل هيمنة الدول الكبرى على القرار الشجب والاستنكار.

في منطقة هي بؤرة للنزاعات بأشكالها هل هي من فرضت على فوزية عرفات سياق المنجز السردي ام صراخ وغضبة كلمات من قبح الفتن والحروب؟

– دائما يفرض الواقع نفسه على كتاباتي، فلا يمكن للكاتب أن يعزل عمله الأدبي عن عالمه الواقعي مهما حاول تموهيه بالخيال وهذا ما يبرر وجود الوطن والمدينة (المكان بشكل عام) في أي نص اكتبه سواء رواية أو مقال أو قصيدة، فالأدب ما هو إلا وجها من وجوه التعبير عن الواقع ولكي تلمس مشاعر القرّاء يجب أن تلامس همومهم، العمل الأدبي كالمسلسل التلفزيوني سيفشل إن حولته إلى عمل يتناول قصة حدثت على كوكب أخر، من وجهة نظري العمل الذي لا يتعاطى الواقع بكل ما فيه أفراح وأتراح وظواهر وتناقض هو عمل ناقص.
كيف تقيم فوزية عرفات تجربتها في كتابة القصة القصيرة ؟

– لا يمكنني تقييم تجربتي في القصة القصيرة لان ما قدمته في هذا المجال قليل جدا، يمكنك القول أنني غير راضية عن انحراف القصة القصيرة في وطننا العربي عن الأصول الأدبية الصحيحة، اعتزلت القصة القصيرة عندما تحولت إلى مجرد نص، نص لا بداية له ولا حبكة ولا نهاية، ناهيك عن الصعوبة في إيجاد ناشر مناسب لهذا النوع من الأدب بالذات.

هل هناك من مشاريع أخرى في مجال السرد تنحى بفوزية عرفات إلى التمييز بعد أن خاضت تحارب متنوعة؟

– الآن وبسبب انشغالي في الحصول على شهادة الدكتوراه أحاول التركيز في مجال واحد كي لا تتشتت أفكاري، أركز ألان على الدكتوراه إضافة إلى رواية جديدة تتناول موضوع الأزمة السورية وما خلفته من كوارث وشتات.

مجال النشر أصبح متاحاً على أكثر من صعيد وفي ظل هذا الزخم الهائل من المنجزات الإبداعية في رأيك ما هي المنصة التي تتيح الفرصة لتقييم هذه المصنفات الإبداعية؟

– القرّاء هم هدف الكاتب، ووسط هذه الطفرة الأدبية وما يرافقها من تهميش ومحسوبيات وجوائز فصلت الروايات على قياسات محددة أصبح القارئ هو الناقد الوحيد الذي أحرص على الأخذ برأيه في أعمالي، لم أكترث يوما لتقييم أعمالي بالأرقام فنسبة المبيعات لا تعتبر مقياسا على نجاح العمل من عدمه لان الخلل يكون أحيانا مرتبطا بعناصر خارجة عن إرادة الكاتب كالتوزيع والتسويق وغيرها، ونسبة المبيعات غير المرضية لن تكون يوما عائقا أمام مواصلة إبداعي، سأظل اكتب حتى لو كان من يقرأ لي شخص واحد.

ما المنجز الأقرب إلى فوزية عرفات وتعده يعير عن أفكارها بشكل أوسع؟

– كل عمل من أعمالي هو جزء مني، أعمالي تكشف الكثير عن شخصيتي الحقيقة، عما أحب وما لا أحب عن مخاوفي واهتماماتي وطموحاتي وجنوني، راضية عما أنجزته والنجاح طريق طويل وغالبا ما يكون غير معبدا أمام من يكتب بحرية.


image


image
 0  0  454