أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

العراق يتراجع.. مناهج مكسورة وامتحانات قاتلة -نورهان شيراز

العراق يتراجع.. مناهج مكسورة وامتحانات قاتلة -نورهان شيراز
 العراق يتراجع.. مناهج مكسورة وامتحانات قاتلة -نورهان شيراز
نورهان شيراز

يسير التعليم في العراق نحو منحدر خطير، بعد أن صار الجهل هو السلعة الوحيدة التي تُصدَّر للطلبة، لا المعرفة. ويطرح الشارع سؤالًا حارقًا: هل سيُعامل الطلبة الوافدون للدراسة في العراق معاملة الطالب العراقي من حيث الرسوم؟ وما الجدوى من هذا التهافت على استقدام طلبة جدد، إذا كانت السياسات التعليمية الحالية تجرّ البلد إلى الوراء؟.

ويتجلى الخلل الأكبر في نظام البكالوريا، الذي بات يُكسِر ظهور الطلبة وذويهم، في ظل أسئلة قيل إنها “خارجة عن المنهج”، أو من “المحذوفات”، بحسب شهادات طلاب وأولياء أمور انتشرت على مواقع التواصل. وكتب أحد أولياء الأمور: “ابني أجّل الأحياء، ونص الصف أجّلوا رياضيات وفيزياء.. ما هذا المنهاج؟”.

وتتحدث الأرقام عن كارثة: أكثر من 95٪ من الطلبة أجّلوا مادة الأحياء، ونحو 50٪ منهم تعثروا في الرياضيات والفيزياء. بل إن البعض أقدم على الانتحار تحت ضغط الامتحانات وصعوبتها، في مشهد يتكرر كل عام دون إصلاح أو مساءلة.

وأقرّ عدد من أساتذة المواد العلمية بوجود “أخطاء قاتلة” في الأسئلة، وهو ما فجر موجة غضب عارمة، دفعت أولياء الأمور وبعض الإعلاميين وأفرادًا من الأسرة التعليمية للمطالبة بإقالة وزير التربية واللجنة المسؤولة عن وضع الأسئلة.

وتعقدت المأساة هذا العام أكثر، إذ أدى الطلبة الامتحانات في ظروف استثنائية، خاصة في المناطق القريبة من الحدود، حيث تداخل القصف الحقيقي بالقصف الرمزي لصعوبة الأسئلة، مع انقطاع الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة. وعلّق أحد الطلاب من الجنوب: “احنا ممتحنين تحت القصف، وقصف الأسئلة أشد”.

وأثار الناشط علي حسن جدلًا بتصريح لاذع قال فيه: “الأسئلة صعبة عمدًا، حتى يُجبر أصحاب المعدلات المتدنية على الالتحاق بالجامعات الأهلية، وهكذا نخرّج جهلة من جامعات خاصة مدفوعة الثمن !”.

ويعيد هذا النقاش إلى الأذهان خطابًا أدلى به حسين الشهرستاني في 2015، قال فيه إن “الطلبة العراقيين لا يحتاجون لدخول الجامعات، ويكفيهم المعاهد، لأن العراق بحاجة إلى أيدٍ عاملة”. وعلّق أحد الإعلاميين على تويتر: “الشهرستاني قالها.. واليوم تحقق ما أراد”.

ويفتح هذا الوضع الباب أمام تساؤلات حول الجامعات الأهلية التي تزايد عددها، رغم أن معظم مؤسسيها ــ كما يشير التحقيق ــ “لا يمتلكون مؤهلات أكاديمية”، وبعضهم حصل على شهادات مزورة من كليات خاصة أو جامعات لبنانية معروفة ببيع الشهادات.

وباتت الجامعات الحكومية الكبرى مثل بغداد والمستنصرية والنهرين والبكر خارج التصنيفات العالمية، في وقت ما تزال فيه جامعة الموصل محافظة على بعض من رصانتها، والسبب أنها الوحيدة التي لم تتكاثر فيها الجامعات الأهلية.

ويُختتم المشهد بسؤال مركزي: من سيدرّس طلبة العراق في المستقبل، بعد حملات التقاعد القسري ومحاربة الأساتذة والعقول العلمية؟ وهل من مخرج قبل أن تغرق سفينة التعليم؟